الشيخ أحمد حافظ القاسمي الحسني (رحمه الله)
نشرت بواسطة: ahmed
في شخصيات من بلادي
بسم الله الرحمن الرحيم
الشيخ أحمد حافظ القاسمي الحسني
(رحمه الله)
ولد الشيخ أحمد حافظ القاسمي الحسني في 04/10/1961 بمدينة بوسعادة ونشأ وسط عائلة عريقة تعتبر منارة للعلم والدين في المنطقة.
تعليمه:
التحق بمدرسة الهضبة الابتدائية سنة 1966م
كان نجيبا ذا فطنة وذكاء شغوفا بالمطالعة، وقد اهتم والده بتعليمه القرآني على يد الشيخ أحمد المقري.
التحق باعدادية (متوسطة) إتيان ديني أو ناصر الدين ديني، ومن ثم واصل تعليمه في ثانوية زيري بن مناد سنة1977م.
ورغم دراسته بالفرنسية، إلا أنه كان شغوفا باللغة العربية محبا لها، فأخذ الفصاحة عن أخواله، خاصة الشيخ العلامة خليل القاسمي رحمه الله .
بدأ اهتمامه بالدين الإسلامي كمنهج للحياة وهو في مرحلة الثانوية، وقد استفاد كثيرا من أساتذة مشارقة، كانوا أساتذة في المعهد القاسمي ، منهم الأستاذ ياسين عبد العال في العقيدة، والأستاذ الشعراوي في علوم الحديث….
انكب على دراسة الكتب الدينية خاصة علوم القرآن والسيرة النبوية إضافة إلى العقيدة، وكتب الرقائق والتربية الروحية كاحياء علوم الدين وزاد المعاد، وغيرها…
أقام عدة نشاطات دعوية منها: إقامة المعارض وإدارة الحلقات، والدروس الدينية اذ اعتلى منصة الدعوة وعمره لا يزيد عن سبعة عشر عاما، بالقاء دروس الجمعة في مسجد زيد بن ثابت1978م.
بعد نيله شهادة الباكالوريا سنة1980 التحق بجامعة سطيف (فرحات عباس) معهد البيولوجيا تخصص دراسات عليا في علم الأحياء الدقيقة.
في الجامعة كان له نشاط دعوي مكثف إدارة حلقات خاصة تعنى بتربية الطلبة.. واقامة الجمعة في مسجد الحي الجامعي (درسا وخطبة)..بل وتوسع نشاطه حتى في مساجد مدينة سطيف كالمسجد العتيق ومسجد السبطين ومتابعة وتربية مجموعة من الأخوات من بعيد.
بعد تخرجه سنة 1985 التحق بثانوية الشريف محمد بن شبيرة مدرسا لمادة العلوم الطبيعية، مستغلا بذلك منصبه وتقربه من الطلبة ببث روح الالتزام في نفوسهم، والعودة بهم إلى الجادة (ذكورا وإناثا) بهذا استطاع أن يحدث ثورة أخلاقية دينية أعادت الكثير منهم إلى طريق الهداية…
فتح الله له باب الدعوة فكان اماما ومعلما للقرآن متطوعا في مسجد بلحطاب سنة 1986 إلى غاية انتقاله إلى مسجد البشير الإبراهيمي متطوعا إلى غاية 1994م، حيث تحول إلى امام رسمي إلى أن توفاه الله.
في سنة 1995 قدم إلى امتحان الماجستير(أصول الفقه) في جامعة الجزائر، كلية الشريعة بالخروبة، وحضر رسالته في موضوع دقيق تحت عنوان (علامات الحياة والممات بين الفقه والطب) ونال الماجستير بدرجة مشرف جدا.
كما ظفر في يوم العلم (16 أفريل 2006) بجائزة مسابقة المجلس الأعلى للغة العربية (المرتبة الثانية).
كانت له سفريات ورحلات قادته إلى سوريا ، مصر، تونس، ومكة المكرمة التي أجرى فيها (جامعة أم القرى) مسابقة ونجح بامتياز ولكنه لم يلتحق بها.
تأثر الشيخ بعلماء ودعاة كبار منهم: (عبد الحميد بن باديس، البشير الابراهيمي وحسن البنا وسيد قطب)، كما التقى نخبة منهم: ( ومحمد سعيد رمضان البوطي…ومحمد الغزالي، وعبد الحميد كشك وغيرهم…
اهتم بالاعجاز العلمي في القرآن الكريم وحضر كثيرا من الملتقيات في هذا المجال، ثم واصل تعليمه وسجل في جامعة سيدي محمد بن عبد الله بمدينة فاس بالمغرب الشقيق وقد كانت أطروحة الدكتوراه تحت عنوان:(الاعجاز العلمي في عالم الأرحام بين النصوص الشرعية والأبحاث الطبية) لكنه لم يناقشها لشدة مرضه وذهابه إلى فرنسا ووفاته هناك رحمه الله.
النشاط العلمي للشيخ أحمد:
للشيخ أحمد دورات وحلقات في علوم الحديث، وفي شرح أصول العقيدة فدورات في علم المواريث، كما كانت له دورات في أحكام التجويد برواية قالون، ناهيك عن الدورات الروحية…
العمل النسوي عند الشيخ أحمد:
لم يقتصر نشاط الشيخ الدعوي في مجال الرجال، بل اهتم بالمرأة ايمانا منه بدورها في المجتمع، فكان من مؤسسي النواة الأولى للعمل الإسلامي النسوي في بوسعادة سنة 1986م، فكون مجموعة من الأخوات الفاضلات ذوات المستوى الجامعي، واللاتي انطلقن في سماء الدعوة داعيات تحت رعايته وتوجيهاته حتى أصبح لهن الدور الفعال في المجتمع …
العمل الدعوي والخيري للشيخ أحمد:
كان الشيخ أحمد رحمه الله لا يرى المسجد مكان للعبادة فقط بل يراه مؤسسة تعبدية دعوية تربوية اجتماعية… منها يتخرج الدعاة وفيه يكون التكافل والتراحم وعمل الخير وبث روح الوعي.
يرى أن الداعية عليه أن ينزل إلى المجتمع ويهتم بأفراده، فالدعوة لا تكون فقط في المؤسسات الرسمية بل تكون في كل مكان، وهذا ماكان يفعله ويتميز به ..
كان يواسي أبناء مجتمعه في أحزانهم ومصابهم ويصبرهم…
يوجه التائه عن الطريق ويعين المريض والفقير…
يحضر مجالس الصلح ويفصل في قضايا الميراث، ويقيم عقود الزواج…
ويبادر إلى بث روح التآلف والتراحم..
يسعى إلى بناء المساجد والمدارس القرآنية وحفر الآبار وهذا ماجعله يسعى مع مجموعة من الخيرين إلى تأسيس جمعية إحياء القيم الإسلامية سنة 1988م، ثم تأسيس جمعية الإرشاد والإصلاح سنة 1989 على المستوى المحلي إلى أن أسس جمعية كافل لرعاية الأيتام والأرامل سنة 2012م وفيها كان له مشوار خيري ضاف ومبدع.
النشاط السياسي والخيري للشيخ أحمد:
يعتبر الشيخ أحمد عضوا مؤسسا لحركة المجتمع الإسلامي (حماس) سابقا، وإن كان ينقل عنه دائما قوله: (أنا لاأتقن السياسة، أنا رجل دعوة)، ورغم ذلك فقد انخرط في المجال السياسي في أولى تجاربه بعد الانتفاح على التعددية السياسية في الجزائر…
لم يقتصر نشاط الشيخ أحمد الدعوي على مدينته بل تعداها إلى مدن أخرى وولايات أخرى فهو المحاضر والواعظ في المساجد والجامعات والمؤسسات…
يتنقل هنا وهناك رغم أمراضه المتعددة والمنهكة (السكري والظغط…)، إضافة إلى احياء المناسبات الدينية والوطنية مثل احياء ليالي رمضان، واحياء ليالي المولد النبوي الشريف (جلسة صفا مع النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم)..
وكانت له مجموعة من صيغ الصلاة اختارها كأوراد ملازمة يلهج بذكرها…
تعدى نشاطه حدود الجزائر، فقد كان إماما (بين سنتي 2002-2004) في فرنسا في مركز (كَانْ الإسلامي)، وشهد على يديه إسلام أحد أكبر الكتاب الفرنسيين هناك…
كما كانت له جولات دعوية جليلة، منها حضور مؤتمر باريس الإسلامي.. والقاء محاضرات في مدينة ليون الفرنسية، وفي المركز الإسلامي بسويسرا…
كما كان له اهتمام بالغ بقضايا الأمة الإسلامية وكانت تأخذ منه مأخذا كبيرا… فتراه يعاش هموم البوسنة والهرسك والروهينجا….ومسلمي بنغلادش…
وكانت القضية الأم (القضية الفلسطينية) التي ما فتئ يصدح بصوته ويجلجل ناصرا وداعما لها… محفزا للشعب لنصرتها ومد العون لها خاصة أيام حصار غزة وحرب 2008…
وما إن نادى حتى تهب الأمة رجالا ونساءا بعطاياهم وتبرعاتهم وامدادهم، وقد لاقى بسببها العنت في نفسه وأهله وماله، ولكنه احتسب ذلك، وبقي صابرا صامدا إلى أن لقي ربه رحمه ىالله…
منتوجه الفكري ومؤلفاته:
من طبيعة الدعاة العاميلين عدم توفرهم على الإنتاج الفكري والعلمي، لاشتغال أكثرهم بتفاصيل العمل الميداني، غير أن الشيخ رحمه الله وفق لتطريز وتدبيج بعض الدرر فكان منها:
1. علامات الحياة والمماة بين الفقه والطب، (رسالة ماجستير مطبوعة).
2. الاعجاز العلمي في عالم الأرحام بين النصوص الشرعية والأبحاث الطبية، (تحت الطبع).
3. فنون العبودية، (تحت الطبع).
4. دليل الهداة للأئمة والدعاة في ثلاثة أجزاء (تحت الطبع).
5. احياء الربانية، (تحت الطبع).
6. كلمات من القرآن الكريم.
7. سيرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم….وغيرها، لم يسعفه الحظ لطبعها لكثرة انشغالاته وكثرة سفرياته الدعوية والصحية…
المحن في حياة الداعية:
الشيخ أحمد رحمه الله أذى كبيرا، وكان يردد دائما: (إنه طريق الأنبياء طريق الدعوة المحفوف بالأشواك والابتلاء فعلينا بالصبر حتى ننال عظيم الأجر)..، زيادة على ابتلائه في جسده فقد لزمه مرض من 2008 ومع ذلك لم يقعده ولم يثنه على مواصلة مشواره الدعوي الخيري بكل جهاد ومصابرة حتى ابتلي بداء السرطان والذي انتقل بسببه إلى فرنسا للعلاج.
وقد ابلى بلاءا حسنا فكان الصابر الراضي لم يتبرم يوما لا تسمعه ولا تراه إلا حامدا لله تعالى محسنا الضن بربه لآخر لحظة… بل أكثر من ذلك كان داعيا.
وقال مقولته:(أنا في فرنسا للعلاج وللدعوة) أعطى صورة ناصعة عن الإسلام وكان يهدي كتاب الدكتور (موريس بوكاي):
Maurice Bucaille: La Bible, le Coran el la science: Les Ecritures saintes examinées à la lumière des connaissances modernes.
إلى أن اختاره الله إلى جواره في السادس من ذي الحجة فكان شهيدا مرتين: شهيد المرض وشهيد الوفاة بعيدا عن أرض الوطن، وهو الذي كانت أسمى امنياته بل دعواته بالاستشهاد في أرض الرباط (فلسطين) كما كان يغبط الشهداء لدجة البكاء.
نسأل الله قد نال أجرها وما ذلك على الله بعزيز كانت الوفاة يوم 27/07/2020 الموافق ليوم الاثنين 06/ذو الحجة/1441
دفن يوم عيد الأضحى في مقبرة العائلة بالهامل…
فاللهم ارحمه واغفر له واجمعنا به في جنات النعيم..
اللهم آنسه بك وقربه اليك.
أحمد محمد عزوز
مرتبط
2023-07-28