الرئيسية 8 حقيبة بوسعادة 8 بوسعادة السعيدة 8 بوسعادة بين البارحة..واليوم

بوسعادة بين البارحة..واليوم

:.. مقال للأستاذ”محمد هواري”..جدير بالقراءة…

ذلك هو حال التقاليد و العادات و القيم التي كان عليها سكان مدينة بوسعادة في علاقاتهم الاجتماعية والاقتصادية كانوا يتناهون عن المنكر من الأفعال و الأقوال ، وكان يشد بعضهم بعضا في السراء و الضراء، وكانت ثقافتهم مشتركة، لم تكن العصبية تفرقهم، ولم يكن الولاء و الانتماء يشتتهم، كان الرابط الوحيد الذي يجمعهم هو حب المدينة التي ينتمون إليها ، المدينة التي تحتضنهم بدفئها و تمدهم بخيراتها المتواضعة التي جادت بيها بساتينها و حدائقها.
ولعل الاختلاف الوحيد الذي كان يفرق السكان هو التعصب للأحياء ، فكان الفرد يرتبط ارتباطا لاصقا بالحي الذي ينتمي إليه يفتخر بانتمائه له و يستميت في الذود عليه ، وكانت العلاقات بين أفراد الحي الواحد تعلو على غيرها من العلاقات، فلا العشيرة موضع ولاء و لا القبيلة رابطة انتساب، وكان أبناء الحي الواحد يجهلون الانتماءات العشائرية لبعضهم البعض، وكان لسان حالهم يقول: المرء يعرف من حيث يثبت لا من حيث ينبت.
كن ابن من شئت و اكتسب أدبا يغنيك محموده عن النسب
إن الفتى من يقـــول ها أنا ذا ليس الفتا من يقول كان أبي
هذا هو حال مدينتنا في أفراحها و أتراحها ، كنا نعود العليل ونسأل عن الغائب ، كانت تجمعنا أناشيد المناسبات الدينية وأغاني الأفراح و العاب البراءة، وقرآن الكتاتيب المنتشرة عبر كل أحياء المدينة، كان الصغير منتا يحترم الكبير، و الكبير يوقر الصغير، وكان صاحب العلم يتصدر المجالس و يستشار في كل الأمور، وكنا كمثل الجسد الواحد يجمعنا شعور مشترك أمام الحوادث إذا ألمت بنا، وكانت الصداقة إذا ربطت بين اثنين او بين مجموعة من أبناء الحي لن تتصدع.
أما الآن فقد اختلطت الأمور وتغيرت المفاهيم وأصبح القاسم المشترك هو المصلحة المشتركة وطغت المادة على كل العلاقات الاجتماعية وانتقل المجتمع من أخلاق الإخاء الى النزعة النفعية التي تقيم الأفراد على أساس المنفعة، حتى أصبح ينطبق علينا قول الشاعر:
وقائلة مالعلم و الحلم و الحجا ومالدين و الدنيا فقلت الدراهم
تداوي جراح الفقر حتى تزيلها وهي من بعد التحقيق مراهم

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*