اجعل دنياك في مرضاة ربك,وخدمة دينك .. الشيخ لخضر لقدى
نشرت بواسطة: ahmed
في اسلاميات
الدنيا ليست دار راحة وقرار,بل هي دار بلاء واختبار،المنغصات فيها كأمواج البحر المتلاطمة،موج يتلوه موج, فرح وحزن، غنى وفقر،صعود ونزول, اجتماع وافترق، حياة وموت…
لن تجد فيها سعيدا أبد الدهر,ولا شقيا طول العمر,الغني فيها يؤرقه خوف ضياع ماله، وذو السلطان يؤرقه خوف زوال ملكه ، والفقير يشقى بفقره,……
والمسلم يعلم أن ما أصابه من مصيبة في نفسه أو دينه أو ماله هي من أقدار الله المكتوبة مِنْ قَبْلِ أَنْ يبْرَأَهَا الله,فلا يموت أحد إلا بأجله، ولا يصيبه إلا ما قدر له.
وليس أحد إلا يحزن ويفرح، ولكن من أصابته مصيبة فجعلها صبرا، ومن أصابه خير فجعله شكرا,فذلك هو المؤمن, الذي يؤمن أن تقدير الله جارٍ وفق حكمةٍ بالغة، وسنةٍ عادلة، فهو ساكن القلب، مطمئن الفؤاد,مرتاح النفس,لا يحزن على ما فات,ولايفرح فيطغى لما عنده,ولا يقتله هم وغم لما يستقبل,لا يفرح من الدنيا بموجود,ولا يأسف منها على مفقود,وإنما يرضى بالقضاء، ويخالف الهوى.
وحقيقة الأمر أنك لا تملك إلا اللحظة تعيشها,واللقمة التي تأكلها ,والشربة التى تروي بها ضمأك,أما ما زاد فهو ليس لك وإن كان مسجلا باسمك,هب أن رجلا يملك عشرات المساكن في عشرات البلدان,هل تراه يستفيد منها كلها كلا وألف كلا.
روى قتيبة بن سعيد قال: دخلت بعض أحياء العرب، فإذا بفضاء من الأرض فيه من الإبل ما لا يحصى عدده كلُّها قد مات، فسألت عجوزاً: لمن كانت هذه الإبل؟ فأشارت إلى شيخ على تلٍّ يغزل الصوف، فقلت له: يا شيخ لك كانت هذه الإبل؟ قال: كانت باسمي، قلت: فما أصابها؟ قال: ارتجعها الذي أعطاها، قلت:فهل قلت في ذلك شيئاً؟ قال: نعم، قلت:
لا والَّذي أَنَا عَبْدٌ في عِبَادَتِهِ … والمَرْءُ في الدَّهْر نصْبَ الرُّزْءِ والحَزَن
ما سَرَّني أَنَّ إبْلي في مَبَارِكِها …
وما جرى في قضاء الله لم يَكُنِ .
فلا تندم إذا فاتك منصب أو مال أو جاه فكلها زائلة ,وقد تكون عند الكافر أكثر مها عند المسلم :كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا.الإسراء 20.
ولكن اندم إذا فاتتك صلاة أوعبادة أوفاتك ذكر أو تلاوة أو صدقة,فكُلُّ مَا فَاتَكَ مِنَ اللَّهِ سِوَى اللَّهِ فهو يَسِيرٌ وَكُلُّ حَظٍّ لَكَ سِوَى اللَّهِ فهوقَلِيلٌ .حلية الأولياء لأبي نعيم
وإذا احترق القلب حرقة لاذعة على شيء فاتك من الدنيا فهذه علامة أنك لا تعرف الله ,وأنك ما وصلت إليه، فلو وصلت إليه لما تألمت ولما حزنت على شيء فاتك من الدنيا إطلاقاً.
لاتحزن إذا وصلت المحطة متأخراً ووجدت أن قطارك قد رحل,لاتحزن إذا وجدت المحطة فارغة ,لاتحزن إذا جاء أحدهم وقال لك إن القطار قد فاتك ,فابتسم له وقل إن هناك قطار اخر سوف يأتي ,إني أسمع صوته قادم.
فالدنيا من حولك فيها أنوار وشموس وآمال وأحلام,فاجعلها في مرضاة ربك,وفي خدمة دينك,وإذا فاتك خير فأدركه، وإن أدركك فاسبقه.تلك نصيحة سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه وألحقنا به في الصالحين.
2023-07-02