الشهيد مرزوك دحمان بن علي
نشرت بواسطة: ahmed
في شخصيات من بلادي
نبذة تاريخية عن الشهيد مرزوك دحمان بن علي
مولده و نشاته :
حينما يمتزج حب الوطن بعبق الشـــهادة يكون الموت أسمى الأمـاني وحين يكون هذا الحب دمـاً يسري في العروق
تهون كل الدنيا من أجل تحرير تراب هذا الوطن الحبيب الذي ولد على ربوعه الشهيد مرزوك دحمان بن علي مناضل و شهيد من شهداء الثورة التحريرية الكبرى عام 1936 ببلدية سيدي عامر التي كانت ولا تزال صرحا لميلاد من نفخر بهم .
عاش شهيدنا في وسط عائلي إسلامي وتربى على أسس دينية محافظة فاضلة في عائلة تتكون من أربعة أشقاء تلقى تعليمه الأول وحفظ ما تيسر من القرآن الكريم على أيدي مشايخ المنطقة من أمثال الشيخ الفاضل “سي أحمد بن لهول”، و ينبثق أصل المجاهد وينحدر من عائلة مجاهدة ثورية مناضلة فجد والده سي بلقاسم بن علي كان حافظا لكتاب الله ومعلما للقرآن الكريم ومجاهدا، كان من ثلّة الرهبان الذين لبّوا نداء الوطن ليلتحق بصفوف المقاومة الشعبية للأمير عبد القادر سنة 1834م رفقة سبعة وعشرين مجاهدا في أول دفعة لعرش أولاد عامر وكان عما والده ” أحمد بن سي بلقاسم و عيسى بن سي بلقاسم” بطلين فذين من أبطال المقاومة الشعبية الأولى لعرش أولاد عامر تحت قيادة المجاهد المناضل سي امحمد بن الغزال، هذان البطلان استشهدا في معركة “درمل” الشهيرة سنة 1864م رفقة العشرات من الشهداء من عرش أولاد عامر الأشاوس, وكان والده مرزوك علي بن موسى مجاهدا هو الآخر في صفوف المقاومة الشعبية الثانية لعرش أولاد عامر تحت قيادة المجاهد علي بن مصطفى العامري (1910 – 1914).
نضاله :
انتقل الشهيد مرزوك دحمان بن علي سنة 1944م الى الجزائر العاصمة ليستقر ويسكن بها, ولأنّ النزعة الثورية كانت تشتعل وتتوهج في كيانه التحق كفدائي في صفوف جبهة التحرير الوطني سنة 1955م رفقة العديد من المجاهدين الأبطال من أمثال عاشور الحواس ,منصوري النوي الجلاّلي , أحمد باشا القبائلي , بوعافية محمد الجلجلي و مولود لوناس الروجي صاحب المقهى المعروف بمقهى الوناس المتواجد بحي بلكور مقابل أروقة الجزائر والتي تحولت فيما بعد إلى مقهى السنغال .
وفي سنة 1957م انظم الشهيد مرزوق دحمان الى مجموعة من المجاهدين من سيدي عامر أمثال فيشوش دحمان بن صالح و مساعد لخضر بن رابح و كمال المداني بن صالح و مرزوق مصطفى بن أحمد و مرزوق عبد الرحمان بن مصطفى و مرزوق محمد بن صالح، حيث كانت هذه الخليّة الجهادية تنشط على مستوى بلكور وأول ماي والزعاطشة والمدنية تحت قيادة المجاهد سي الطيب السياسي إلى أن ألقي القبض على المجاهد مولود الوناس وتمت مصادرة المقهى حينها.
وفي 21 مارس م1956 يوم احتفال الشعب التونسي بالاستقلال تمّ إلقاء القبض على الشهيد مرزوق دحمان بالبريد المركزي وكان يومها رفقة السيد مرزوق الصالح حيث وجهت له تهمة التحريض والعصيان المدني والتظاهر واقتيد إلى محافظة الأمن المركزي بساحة أول ماي ليبقى محجوزا لمدة 26 يوما رفقة العديد من المجاهدين والمواطنين لتمارس عليهم السلطات الاستعمارية كل أنواع التعذيب، وبعد مساعي حثيثة وتدخل جهات لها نفود في صفوف جبهة التحرير الوطني أطلق سراح الجميع ليواصل نشاطه بعدها إلى أن أسندت إليه عملية تنفيذ حكم إعدام شرطي فرنسي عند المصعد الهوائي بمحطة المدنية رفقة عاشور الحواس و محمد بوعافية و المجاهدة فاطمة الزهراء الغربية لتكلل العملية بالنجاح ونجاة الجميع و تحاصر قوات الجيش الفرنسي المنطقة وتلقي القبض على كل من كان موجودا هناك ليكون من بين المقبوض عليهم المسعود لعماري وابنه الطيب اللذان كانا يعرفان الشهيد وتحت وطأة التعذيب أقرا بأن الشهيد وشقيقته مرزوك الزهرة بنت علي كانا ضمن منفذي العملية، وفور تلقي الجيش الاستعماري المعلومة حاصروا منزل شقيقته وألقي القبض عليها وسجنت في الثكنة العسكرية رقم 411 بالمدنية حيث ذاقت كل أنواع التعذيب والتنكيل طيلة 15 يوما فدخلت في غيبوبة بعد كسور في أضلاعها وإجهاضها لتنقل الى مستشفى مصطفى باشا لتمكث فيه 12 يوما وبعدها نقلت الى المحكمة المسماة الآن على اسم المجاهد البطل عبان رمضان رحمه الله تعالى، ومع صمودها وإنكارها لمعرفة أي شيء فيما يخص العملية أصدرت المحكمة جراء ذلك قرارا بإطلاق سراحها مع إلزامها بالحضور اليومي الى الثكنة العسكرية لتوقيع محضر إثبات تواجدها وعدم تنقلها لأي جهة أو مكان إلاّ بإذن من السلطات الاستعمارية ووضع منزلها تحت المراقبة ليضطر الشهيد إلى الاستقرار في مسقط رأسه بسيدي عامر لمزاولة عمله الثوري حيث أسندت له مهمة إيصال الذخيرة والألبسة والأدوية للمجاهدين رفقة محمد لعرابي وقرنة الحواس السامعي و علي الحامدي وكان ثلاثتهم يلتقون في منزل السيد مرزوق صالح إلاّ أنّه تمّت الوشاية بهم من طرف اليهودية ” استان ” التي أبلغت الشرطة الاستعمارية بكل تحركاتهم فتمّ إلقاء القبض على شقيقه مرزوق بلقاسم ومرزوق أمحمد ومرزوق الصالح وزوجته السيدة سعدي قمير بنت أحمد ليطلق سراحهم بعد أسبوع، وهنا يجب أن ننوه بالدور والعمل البطولي الذي قام به مرزوق صالح وزوجته السيدة سعدي قمير بنت أحمد في تسهيل مهمة المجاهدين ومساعدتهم في منطقة بوسعادة، و خاصة بالنسبة لعمل الشهيد مرزوك دحمان.
وفي شهر مارس من سنة 1959م ألقي القبض على الشهيد من طرف السلطات الاستعمارية وسجن ببوسعادة مدة 39 يوما رفقة المجاهد شنوف حفاني من دوار أولاد رحمة والعديد من المناضلين حيث مارست عليهم السلطات الاستعمارية كل أنواع التعذيب والأشغال الشاقة وبفضل تدخلات أصحاب النفوذ من جبهة التحرير الوطني والسيد الصالح مرزوق تمّ إطلاق سراحهم .
استشهاده :
في يوم الأربعاء 14 مارس 1962م مساءً تمّ إلقاء القبض على هذا الليث الباسل الذي قهر وأرعب الجيش الاستعماري بقوته وحنكته وذكائه وشجاعته من طرف جيش الجنرال ” سالون ” الذي عذّبه وأذاقه أشد التعذيب ليضعه في الصندوق الخلفي للسيارة وتمّ تجميع سكان سيدي عامر بالقوّة والإكراه في المدرسة القديمة لإلقاء خطاب يلقي الرعب في قلوبهم ويخوفهم ويكسر شوكة العزيمة والإصرار بداخلهم بهذا المشهد المرعب وتهديدهم بتصفيتهم الواحد تلوى الاخر, لكن للأسف لم يحرك هذا الخطاب ساكنا بداخلهم ولم يحرك ذرة من صمودهم ولم يجد آذاناً صاغية ولم يمنعهم من محاولة فك أسره من قبضتهم، وكان من بين الذين تدخلوا للحلول دون إعدامه السيد : “عمر بن زحلوق ” الذي تلقى ضربات عنيفة كانت سببا في وفاته بعد ذلك، و كذلك الحاج إبراهيم بن الحواطي ومساعد عمر المدعو “شنف” وغيرهم فقام الجيش الفرنسي بإشهار السلاح في وجوههم لترهيبهم وتخويفهم.
تمّ اغتيال الشهيد مرزوق دحمان رمياً بالرصاص في منطقة الشقة لتلتحق روحه الطاهر بالرفيق الأعلى ليكون هذا اليوم من أحلك وأصعب وأحزن أيام سكان سيدي عامر وهم يودعون شهيدهم الى الرفيق الأعلى ، ليوارى الثرى بمقبرة سيدي عامرو يرتوي ترابها بدم هذا الشهيد البطل الذي كتب بكل قطرة من دمه نموت نحن ويحيى الوطن نموت نحن ليولد الكثير من الذين سيضعون الوطن نبضا في أعماقهم ليخسر بذلك هذا المستدمر و للمرة الألف المعركة والحرب .
عاشت الجزائر حرة مستقلة
المجد والخلود لشهدائنا الابرار
مرتبط
2023-07-01