مدرسة سيدي ثامر ”شالون سابقا” المحطة التاريخية الهامة ببوسعادة
نشرت بواسطة: ahmed
في بوسعادة السعيدة
تعتبر المدرسة الابتدائية سيدي ثامر من بين أقدم المدارس بمدينة بوسعادة والتي بدورها تحمل العديد من الذكريات والأحداث التي ميزت المدينة فيها درس المقاوم والرئيس والعالم و العديد من خيرة مدينة بوسعادة .
هي محطات تاريخية عن مدرسة سيدي ثامر للأستاذ القدير نورالدين العبادي جزاه الله خيرا والذي بدوره يخبرنا عن هذا المعلم المشيد منذ أكثر من قرن ونصف من الزمن والذي يحتاج لاهتمام السلطات المحلية به من خلال عملية ترميمه وتهيئه للمحافظة عليه .
ا. لا يمكن الحديث عن المدرسة و عن روادها و رواد التعليم في المدينة دون أن نتطرق للوضعية الاجتماعية و الثقافية بالمنطقة قبل دخول الاستعمار و احتلال المدينة، و كان هذا كما يعلم الجميع بتاريخ 26 نوفمبر 1849 و قد سبقت هدا التاريخ محاولات عديدة ابتداء من 1843. لقد كانت مدينة بوسعادة و ما جاورها قبل الاحتلال تنعم بحياة ملؤها الأخوة و السلام و التضامن بين أهاليها، فكان كل حي يتوفر على مسجد و زاوية لتعليم القرآن وأصول الدين، و جماعة الحي تسهر على الإنفاق من مال الوقف على المعلم و الإمام، مما اثر إيجابا على تشجيع التمدرس و بث روح المقاومة في الشباب مما جعل قادة الاحتلال يقرون باستحالة السيطرة الكلية على المنطقة لما وجدوه من تقدم مذهل في التعلم و النسبة المرتفعة للمتمدرسين بمختلف المدارس القرآنية للمدينة. ففي كتاب صدر حديثا 1970 لمؤلفته” ايفيون توران yvonne turin ” عن الصراع الثقافي في الجزائر المستعمرة أبرزت فيه مظاهر القوة و التماسك في المجتمع الجزائري. تقول الكاتبة حسب ما أورده ضباط الاحتلال في تقاريرهم ما يلي: 1) “في المدن كل حي يعين مدرسا يشترط فيه المستوى الجيد و السلوك الحسن و في البوادي يهيئ كل دوار خيمة للمدرسة”. 2) “في كل مساجد بوسعادة يتلقى التلاميذ دروسهم من منتصف النهار إلى الثانية بعد الزوال ثم من الخامسة إلى السادسة و في الصباح الباكر من الثالثة إلى الخامسة”. 3) “كل الأطفال باستثناء الأصاغر مكلفون دوريا بالسير على الأحياء خلال الليل لمناداة زملائهم للدراسة، مما يدل على صلة وثيقة بين الدراسة و الطقوس الدينية و كل هده الدروس تلقى في حجرات تابعة للزاوية أو المسجد و هي ممولة من أموال الوقف، إلى أن يقول المقرر “في دائرتي بوسعادة و قسنطينة تعمر المدارس بالمدن أكثر منها في البادية خلافا لدائرة المدية أين يلاحظ العكس(صفحة رقم 4)”. أما من الناحية الاجتماعية فكانت العلاقات بين الأفراد و الجماعات يحكمها تعاليم الدين الحنيف الذي بنيت هذه المدينة على أسسه- ست مساجد و زاوية (قبل الاحتلال) و كتاب قرآني في كل شارع تقريبا. كل هذه العوامل جعلت السكان يبدون مقاومة عنيفة و عنيدة لكل ما يصدر عن المحتل ،
وقد كانوا يرفضون حتى التداوي في المصحة العسكرية آنذاك ”فقرة”. على ضوء كل ما سبق ذكره كيف يتمكن المحتل من كسر هذه الحواجز و جعل الأهالي يقبلون على مؤسساتهم فعمل خبراءه على استصدار مرسوم بتاريخ 14-07-1850 يقضي بإنشاء مدارس فرنسية عربية في البداية فيقول “ماك ماهون mac Mahon” ” عن طريق هذه المدارس يمكن تكوين موظفين متفتحين، و معلمين ،حسب التقاليد الإسلامية مع التركيز على المواد العلمية الحديثة في المدارس التي نقوم نحن بافتتاحها”. ففي هذا السياق تقرر بناء مدرسة في بوسعادة هي الأولى في الجنوب الجزائري و بعض المناطق الوسطى حيث تم افتتاح أول قسم بها خلال السنة الدراسية 1856-1857 و بقيت أكثر من عشر سنوات تشتغل بقسم واحد لنفور السكان منها و رفضهم الالتحاق بالدراسة بها ،التحق البعض و لكنهم قليلون إلى أن اجتمع الأعيان و عملا بالحديث “و اطلبو العلم و لو في الصين ” ،”من تعلم لغة قوم أمن شرهم”
بادر الأعيان بإيفاد أبنائهم إلى هذه المدرسة و بدأت الأعداد تكبر من سنة إلى أخرى ابتداء من سنة 1876. كانت المدرسة تسمى بالمدرسة الأوربية حتى صدور مرسوم بتاريخ 18-10-1892 لتصبح المدرسة الرئيسية للأهالي، بعد اكتمال مراحل التعليم الابتدائي تم في سنة 1910 فتح فرع للنسيج (صوف و حرير) و تم غلقه في سنة 1946 ثم افتتح قسم supérieur le cours سنة 1921 و كذا ورشة للنجارة. في سنة 1924 اكتمل التعليم بافتتاح أقسام التعليم الاكمالي أو المتوسط إلى أن أصبح عدد الأقسام سنة 1931 إحدى عشر قسما ثم 13 قسما سنة 1936ثم 18 قسما سنة 1946 إلى أن بلغ إجمالي الأقسام 20 (سنة 1950) . أما تعليم البنات فقد حضي بافتتاح قسمين ،ابتداء من سنة 1920 إلى أن تم بناء و افتتاح مدرسة البنات (ابن خلدون حاليا) سنة 1934-1935 و قد كانت تتوفر على كل المستويات بما فيها أقسام الخياطة و الطرز و النسيج الخ… لقد كان التعليم بالمدارس حكرا على المعلمين الأجانب إلى غاية سنة1882اذ بدا أبناء المدينة يقتحمون هدا الميدان و كان أولهم المرحوم سي المداني شريف و هو من تلاميذ هذه المدرسة، تخرج من مدرسة تكوين المعلمين بالعاصمة و باشر التدريس خلال السنة الدراسية1882-1883 قبل أن ينتقل إلى مهنة الترجمة بعد أن قضى سنتين بمدرسة المترجمين بالجزائر العاصمة، كما التحق بمهنة التدريس خلال القرن الأول لهذه المؤسسة كل من السادة الأتي ذكرهم : بن شنوف موسى محمد بن جدو عبد اللطيف ثامر أحمد بن قويدر شميسة محمد البوطى بيوض عيسى شنوف على عيسى بسكر بن رعاد عبد القادر احمد بن جدو بن سلامة العربي لعراف محفوظ محمد بن عزيز(بن المهدي) عبد اللطيف المسعود قاضي محفوظ. وقد كان هؤلاء الرواد مدرسين و مربين ساهموا في زرع روح التضامن بين تلاميذهم و تحسيسهم بمسؤولياتهم تجاه بلدتهم ووطنهم مما غرس فيهم التشبث بمثلهم و قيمهم العربية و الإسلامية منحتهم حصانة و مناعة من تأثير الأجانب عليهم-وقد تحول الرفض للوجود الاستعماري إلي وعى سياسي جد متقدم حفز التلاميذ على الاجتهاد و المثابرة بإيعاز من آبائهم المعلمين العرب حتى تحولت المدرسة إلى معقل للوطنية مباشرة بعد ظهور الحركة الوطنية في الميدان و بالضبط سنة1936 تاريخ قدوم المجاهد المرحوم ”عيسى بسكر” الذي جاهد حق الجهاد في تربية نشء وطني و تشاء الأقدار أن يكون من بين تلاميذه الأوائل في التعليم الاكمالي البطلين المرحومين “محمد بوضياف ”و “عبد القادر حميدة” و كذا رواد الحركة الكشفية نذكر منهم “علي عبد الكريم حركات على” رحمه الله ومعهم السادة؛ مسكونة ساعد، مش احمد(شهيد)، عيسى بيوض أطال الله عمره، العمري حمزة، بن عيسى قدور(رحمهما الله)،و قافلة أخرى من المثقفين تتلمذوا ودرسوا بها لسنوات عديدة قبل انتقالهم للدراسات العليا مثل احمد بن جدو، بن سالم عيسى، لعراف علي، بن سلامة عمر الخ… كما احتضنت هذه المدرسة قافلة من المجاهدين و الشهداء نذكر أبرزهم علي سبيل المثال لا الحصر عبد اللطيف مختار، عتيق محمد، قانة محمد،زيد محمد، زاهي احمد، قحيوش بغداد، لقرادة بلقاسم ، بازة محمد، خيدري بلخيدر، رعاشي محمد. شهدت الأماكن التى نتواجد بها الآن أحداثا و أحداثا خلال ثورة التحرير نذكر أبرزها حادثة الطالب الذي أصر علي الالتحاق بالمجاهدين فكان له ذلك إلا انه بعد أيام قلائل أصيب بجروح و أعيد إلي المدينة و تم إيواءه في بيت معلم جزائري أين تلقى العلاج في سرية تامة ……. الحدث الثاني هو قرار السلطات الاستعمارية في افريل 1957 إبعاد السيد “عيسى بسكر” عن المدينة و نفيه و توقيف “عيسى بيوض” عن العمل لنشاطهما السياسي و دعم الثورة وكذا تسليط عقوبة إدارية على السيدة “Andree Lanusse” لمساندتها للقضية الجزائرية.
تعداد التلاميذ لبعض السنوات في السنة الدراسية 1933/1934 =475 في السنة الدراسية 1934/1935 =455 في السنة الدراسية 1936/1937 =490 في السنة الدراسية 1938/1938 =539 في السنة الدراسية 1940/1914 =525 في السنة الدراسية /19461945 =491 ملحوظة سميت مدرسة” Lucien Challon” سنة 1933 وقد كان هذا السيد معلما بها من سنة 1925 إلى 1932 تاريخ وفاته.
بلعباس عبد الرزاق
2023-06-30